صاحب القصة : علي بن أحمد بن حسن الرازحي - بتاريخ : 18-04-2017
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) (الأعلى:2)
الحمد لله (الَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) (الانسان:3) الحمد لله (الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) (طـه:50) الحمد لله( الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) (لأعراف:43) الحمد لله القائل (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً) (الكهف:17) والقائل (وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ) (الزمر:37) وله الحمد ربي (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ) (الشعراء:78)
وقال(إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ) (الزخرف:27)
فله الحمد عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته. وصلى الله وسلم على محمد نبيه المرتضى, ورسوله المجتبى, أرسله إلى كافة الورى, يدعوهم إلى الهدى,
قال تعالى(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ )(التوبة33) قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) (الزمر:41) وقال تعالى: ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ) (يونس:108)
وقال تعالى: ( قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (يونس:57)
وقال تعالى:( وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (النحل:64) وقال تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل:89) أما بعد : فان الله سبحانه وتعالى قد منّ عليّ بالهداية, ولا يذوق حلاوة الهداية وطعم الإيمان إلا من قد ذاق مرارة الضلال وظلمات البدع. وفي هذه القصة أريد أن أضع نقاطا عايشتها بين أهل البدع:
• أذكر يوم كنت صغيرا في أوساط مجتمع مكتض بالمعاصي والبدع , وفي بداية حياتي ونعومة أظفاري وفي ذلك المجتمع الموصوف بما سبق ذكره كنت أحب المسجد وأرغب في تعلم قراءة القران ولكن إلى من اتجه ليعلمني ؟! ويأخذ بيدي إلى الخير !!! •أخي الأكبر يكمل دراسته في صنعاء فمن الذي أجده ليأخذ بهذا الاندفاع الذي اشعر به تجاه التعلم !! • المدرسة الحكومية تفتح أبوابها كل سنة ما يقارب ثمانية أشهر فدخلت المدرسة وعمري ما يقارب السابعة والى ذلك الوقت لا استطيع القراءة ولا الكتابة بالرغم مما أجده من الشوق إلى ذلك انتهت السنة الدراسة الأولى والثانية ولم استطع أن أحقق مطلوبي بحيث أنني استطيع في المصحف وفي أي سورة أريد واكتب أي شيء . • فليس هناك حل ألا البحث عمن يعلمني , حتى استطيع القراءة والكتابة فاقرأ ما أشاء وأكتب ما أريد. في القرية لم أجد أحداً, لكن هناك رجل أعمى في قرية تبعد عنا شيئا ما... فجئت إليه أنا وزميل لي , فأخذنا إلى بيته , وكان يكلمنا بعنف , فدرسنا بعض الآيات من السور الصغيرة , واذكر أنني أخطأت في قراءة آية فضربني في رأسي , فآلمتني تلك الضربة أيما ألم , فرجعنا بذلك في ذلك اليوم. • ثم فتحوا مدرسة بتلك القرية ليدرسوا فيها أثناء العطلة الصيفية , والمقصد من المدارس الصيفية عندهم هو مسح ما قد استفاده طلاب المدارس من المنهج المدرسي لأنهم يسمونه منهجا وهابيا ( اخبروني بهذا بعد أن أصبحت فاهما لمقاصدهم ) * التحقت بتلك المدرسة الصيفية واستفدت قراءة الحروف بطريقة التهجي ( أ - إ -.. واستعطت بعد فترة يسودها من قبل نفسي الجد والاجتهاد القراءة والكتابة لأن ذلك هو مقصدي الوحيد. • أما المدرسون في تلك الفترة وغيرها فكان غالب أوقاتهم القات والعكوف على الكتب التي من خلالها يعرفون الشبه ويخالفون بها عقيدة أهل السنة. • أما الدروس الإضافية التي كانت إلى جانب دروس التهجي وقراءة القرآن فكتب حقيقة أنني أكره أن أسمي بعضها لما تحقق لي فيها من الضلال بعد ذلك. • تلك الكتب منطوقها حب أهل البيت والمتابعة لهم , وفحواها : الطعن في الصحابة, والبغض لهم ومخالفة ما عليه أهل السنة. • أما طريقة غرس البغض للصحابة في نفوسنا نحن الصغار وكذلك غيرنا, لأن اغلبهم عوام, فمن باب أن الصحابة أخذوا الخلافة عن علي وغصبوه حقا له, وكذا فعلوا مع فاطمة فمنعوها حقها من أبيها, وهلم جرا من ذلك الباب. • وينصون أثناء الدرس بأن هذا هو مذهب الوهابية, وهو أنهم يبغضون أهل البيت ويحبون بقية الصحابة الذين أخذوا حقوق أهل البيت. • فأصبحت أكره أهل السنة وأبغضهم بغضا لا يعادله شيء. • وكانوا يدرسون الشبه بأساليب مباشرة وغير مباشرة. • فمما أذكره من نتائج ما قد حصلناه من التشدد على بغض الصحابة والمخالفة لأهل السنة : أنني رأيت في المنام – أثناء الفترة تلك – كأنني في المسجد وشبح أمامي يصلي وعليه جبة مكتوب عليها – الهادي عليه السلام – (1) – وإذا بمعاوية – رضي الله عنه – ينظر من باب المسجد , وكأنه متقلدا للسيف. • وهذا ناتج عما كانوا يصورونه لنا من أن الحرب حامية الوطيس بين أهل البيت والصحابة • وهذا الذي أذكر ه ألآن من ذلك الحلم , وما ذلك إلا بسبب ما قد ملأت به قلوبنا من البغض للصحابة والتعظيم لمن على نحلة الشيعة حتى وان كانوا فساقا مستحلين لأموال الناس بغير حق . • والحاصل من ذلك أنها انتهت تلك الفترة الصيفية وقد أصبحت شيعيا محترقا مبغضا للصحابة كافة , سوى على بن أبي طالب وأهل بيته – رضوان الله عليهم – ونفر يسير كعمار بن ياسر وسلمان الفارسي – رضي اله عنهما - . • كنا نشعر ببغضهم بداية بأبي بكر الصديق حتى كان بعضهم يقول : انه أبو بكر الذريق , أو أبو بكر – الصندوق – عياذا بالله من ذلك . وبعده عمر, وهكذا بقيتهم بلسان الحال أو لسان المقال, لأنهم اقروهم على الخلافة ولم يأخذوا بحق أهل البيت, أما أبو موسى فلا تسال, وكذلك جرير بن عبد الله, وأما معاوية فالترضي عليه يعدونها كبيرة من الكبائر. • وأذكر أنني بعد أن هداني الله ووفقني لطلب العلم ؛ تناقشت مع بعض من كنت أقرأ أنا وهو في الكتب تلك , وهو يعد أكابرهم , فألجمته الحق حتى قال لي أخيراً: معاوية كافر(2), فزجرته ولم أكلمه من ذلك اليوم إلى يومنا , ولم أضع يدي في يده , والله يشهد أني ابغضه في الله . • نعود لإتمام ذكر بعض ما حصلناه أثناء تلك الفترة الصيفية. • فمن الأمور التي ما زلت أذكرها أنه زارنا خالي وهو من بلاد خولان , وهذه البلاد كان قد من الله عليها بنزول طلبة علم دار من الحديث بدماج يدعونهم إلى الله – سبحانه – فاستجاب لهم أهل تلك البلاد فتمسكوا بالسنة ونبذوا البدع وطبقوا السنن , حتى أنهم كانوا يؤذنون من مزارعهم كل صلاة في وقتها – وذلك إذا كانوا في أعمالهم – وهي تبعد عن المساجد بكثير- , وقد شاع خبرهم ذلك اليوم وذاع وملأ الطروس والأسماع بأن أهل خولان قد أصبحوا وهابيين – كذا يقولون - !!! • وكان خالي واحدا ممن قد التزم بالسنة, واعتقد عقيدة أهل الحق. • وفي أثناء تلك الزيارة عاملته معاملة – استغفر الله منها – فكنت أجلس إليه بعد الظهر فأني كنت أصلي الظهر والعصر جميعا, وأتناوله بكلام جلف وقاسي, وأذكر له مما قد رسخت في ذهني أثناء تلك الفترة الصيفية , من أخذهم للخلافة , ونحو ذلك من العقائد. • وأذكر أنه سألني: كم تحفظ من الأحاديث ؟ فقلت : أكثر من مائة حديث نعم هو كذلك, ولكنها أحاديث ضعيفة وموضوعة, ونحو ذلك, فمن تلك الأحاديث ( أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى ) وهو حديث لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. • وأمثال ذلك التي أعرضت عن ذكرها للإختصار. • والحاصل: أنني شددت على خالي في تلك الفترة حتى أنه ما زال يذكرني بذلك حتى اليوم. • وأحب إن أذكر هاهنا شيئا وهو: أنه يوم إن بدأ الشيخ مقبل – رحمه الله تعالى – بدعوته في اليمن وصل إلينا خبر ذلك, وقالوا رجل خرج إلى اليمن ليغير الدين. • وكان بعض أهل بلادنا(3) قد استبان لهم الحق فتبعوه على ذلك , فآذوهم وشردوهم وسجنوهم , ومن هرب وشرد سجنوا قريباً له حتى يرجع, واستمروا في السجن ردحا من الزمن , ثم اخرج فيهم القاضي العنسي – عامله الله بما يستحقه – حكماً؛ حكم على بعضهم بالإعدام وبعضهم بالسجن , • واجتمع أهل البلاد من المشائخ وغيرهم, ووقعوا ورقة أنهم عوناً واحدا على كل من خالف مذهبهم – الوهابية – يعني أهل السنة. • وكان عدد أهل السنة في ذلك اليوم لا يزيد على اثني عشر رجلاً. • وحقيقة أولئك النفر كنا نظنهم قد خالفوا الدين وأصبحوا في عداد الكافرين. • ومما ذكر لي عن ذلك الأمر أن صلاح فليته خرج واظهر من فوق السوق (4) على القبض على من تمسك بالسنة. •وأفتى بأن من كان من هؤلاء الوهابيين – يعني أهل السنة – فقد أصبحت امرأته طالقة ولا يجوز أن يزوج منهم ولا يصلى وراءهم. • وأفتى بأن من ضم – أي وضع يمينه على يساره في الصلاة – وأمن بعد قراءة الفاتحة في الصلاة فان صلاته باطلة (5 • إلى غير ذلك من الفتاوى المضلة التي حكايتها تغني عن الرد عليها • وما أذكره عن نفسي مما كنت قد استفدته منهم أنني في الصف الرابع الابتدائي تقدمت بكل شجاعة في الإذاعة المدرسية وألقيت حديثا لا سند له عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو: (( نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يجعل الرجل يده على يده في الصلاة وأمر أن يرسلهما ( 6) • وأراد الله أن ينجيني من هذا الضلال المبين الذي أُصبح فيه أُمسي وأتعصب له وأرى أن ما سواه هو الباطل المحض . • فرجع أخي الأكبر من دراسته بصنعاء في العطلة السنوية له وقد أصبح عاملاً بالسنة محباَ لها عاملاً بها . • وكنت أحبه أيما حب , وكان لديه أسلوب عجيب في جلب القلوب والأسماع في المجالس وغيرها , حتى أنه كان أذا دخل المجلس كان الكلام له , والسؤال موجه إليه , بالرغم من أن الجميع شيعة. • فكان يأخذني معه أينما ذهب في تلك الأيام التي كان يزورنا فيها وجعل يفهمني الحق والصواب واستمر على هذا سنوات, واستطاع أن يؤثر على الأسرة بكاملها فاستجاب له أخ لي أكبر مني, وآخر أصغر مني, وأنا وإن كنت أحبه إلا أن مخالفة ما أنا عليه وما قد عرفت به من الصعب علي. • فلم يأل جهداً في توجيهي إلى الصواب, وتبيين الحق لي, واستطاع فعلاً أن يغير من نظرتي المتعصبة المتشددة للباطل, إلى نظرة متوسطة. • وجعل يفهمني ببعض أمور العقائد وجعلت أفهم منه. *هامش *
(1) ولمعرفة ترجمته وبيان حاله راجع كتاب شيخنا الإمام الوادعي – عليه.رحمة الله تعالى – (( صعقة الزلزال في نسف أباطيل الرفض والاعتزال )) (1/259-283) (2) وهو لا يعلم مقدار ما يخرج من فيه لجهله , فلذلك تكلم بتكفير حملة الدين , عياذاً بالله من ذلك (3) ومنهم الوالد الفاضل أبو محمد صالح بن محمد الملقب بـــ ( أبو فأس ) وهو من أوصلني إلى دار الحديث بدماج , كما سيأتي ذكر ذلك إن شاء الله والوالد الفاضل الخشوع المحب للخير أبو فائز ويوسف : قاسم بن ربوع حفظه الله من بين يديه ومن خلفه وأصلح أولاده ووفقهم للخير. ومنهم الوالد الفاضل عبد الله الشامي – حفظه الله – فهو ثابت على السنة محب لها ولأهلها , ومنهم الوالد الفاضل أبو حامد بن يحيى , وله مواقف سابقة مع أهل السنة يشكر عليها , وغيرهم من أهل جبل الازد وبني ربيعة وأهل النظير , جزى الله كل من نصر السنة وصبر على الابتلاء وثبت عليها خيراً . (4) سوق الثلوث ببلاد الشوارق , وكان قد دعمه القاضي العنسي بطقم من العسكر
( 5 ) ولما كان هذا القول باطلاً ما استطاعوا أن يصرحوا بهذا لأن معنى ذلك إن جميع المسلمين صلاتهم باطلة, إلا ثلة قليلة بقية في صعده وإيران والعراق صلاتهم صحيحة ومسألة وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة والتامين هو مذهب أهل البيت وزيد بن علي وكافة أئمة الزيدية, وقد حققت هذا في بحث مفرد سميته (( إرشاد المتعامين إلى ذهب أهل البيت وأئمة الزيدية في الرفع والضم والتأمين )). ومن المراجع التي نقلت منها (( أمالي احمد بن عيسى )) و (( الروض النضير شرح مجموع زيد بن علي ))( 3/ 15) للسياغي, و((ضوء النهار المشرق على صفحات الأزهار )) ( 6 ) وأنت ترى أن هذا الحديث لا سند له يعرف به, وحتى لو كان له سند فهذا السند يجزم بعدم صحته إلى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم, ذلك لأنه قد تواتر عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم تواتراً معنويا في الأحاديث المتكاثرة (( وضع اليمين على الشمال في الصلاة )) وذلك في أمهات الحديث, فكيف يرون تلك الأحاديث ويطبقها عامة المسلمين في جميع بقاع الأرض وأصقاعنا سوى عدد يسير في بعض مناطق صعده وإيران.
يتبــع
جميع الحقوق محفوظة لدى شبكة قوافل المهتدين 2017 ©
برمجة وتطوير مؤسسة ورقات